لمن تتوجه؟
يمكن للمريض تحديد اختياره في الذهاب إلى الطبيب النفسي أو المُعالِج النفسي بالاعتماد على الحالة والأعراض التي يعانيها، فاختيار الذهاب للطبيب النفسي قد يكون بدافع المخاوف المتولِّدة حول الإصابة بمشكلاتٍ نفسية أكثر تعقيدًا قد تحتاج للعلاج الدوائي: كالفُصام العقلي، واضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الشديد، ومن المُحتمَل أنْ يُوصي الطبيب النفسي بمراجعة أخصائي نفسي أيضًا في الوقت ذاته. لكن يختار البعض الآخر مراجعة الاختصاصي النفسي لمساعدتهم على تخطّي ظرف عصيب يؤثر سلبًا على حياتهم، مثل: ضغوطات العمل، ومشكلات العلاقات الاجتماعية، أو لمساعدتهم على فهم أسباب المشكلات التي تحيط بهم، أيضًا قد يكون الغرض من مراجعة الأخصائي النفسي لمعرفة أفضل الطرق التي تساعد على تحسين ظروف الحياة، أو للحاجة لأخذ المشورة من شخصٍ متخصّص في المجال النفسي من خارج نطاق العائلة والأصدقاء.
الطب النفسي
الطب النفسي (Psychiatry)، هو أحد فروع الطبّ التي تُعنَى بالتعامل مع أسباب مشكلات الصحّة العقليّة والاضطرابات السلوكيّة، والوقاية منها وتشخيصها وعلاجها، وتستلزم ممارسة الطب النفسي بأن يتمتع الاختصاصي بدرجة عالية من الإخلاص والحذر الشديد أثناء التعامل مع الحالة، ويُطلَق على الطبيب المؤهل والمُتخصّص في مجال الطب النفسي بالطبيب النفسي (Psychiatrist)، ويكون قادرًا على التوصية باستخدام الأدوية وتحديد طرق العلاج المختلفة ويرتكز مجال الطب النفسي على فكرة تَسبُّب العوامل البيولوجية في تطوّر أعراض الاضطرابات العقلية والعاطفية، حتى وإنْ لعِبت العوامل البيئية والاجتماعية دورًا في تفاقم هذه الأعراض أيضًا.
دور الطبيب النفسي
لا يقتصر دور طبيب الأمراض النفسية على التشخيص وإعطــــاء العقــــار المناسب كما في العديد من التخصصات الأخرى، وإنما يقوم بالعديد من المهام سعيًا في شفاء المريض، ومن أهمها:
- التقييم السليم للحـــالة، والتعـــرف على السبب الرئيسي وراء تعرضـــه للمـــرض النفســــي ومراجـعـــة المعلومات التي يقولها المريض وتحليلها تحليل نفسي منطقي حتى يسهل العلاج.
- القيام بتقــديم النصــــائح والمشــــورات المختلفة للمـــرضى وإرشــــادهم إلى إتباع نهـــج صحيح وتغيير سلوكياتهم.
- التحدث الجيد مع المرضى والإنصات بشكل دقيق لما يقال.
من هو الطبيب النفسي وما هي مسؤولياته؟
طبيب الأمراض النفسية هو الذي يقع على عاتقه مسؤولية تشخيص المرض النفسي والعقلي والعمل على علاجه بطريقة سليمة، ويدرس العمليات العقلية والمعرفية والعاطفية والسلوك الإنساني حتى يستطيع التعامل مع جميع أنواع المرضى. ويستخدم الطبيب النفسي مجموعة كبيرة من الوسائل التي تساعده في إنجاز عمله، ولا يقوم الطبيب النفسي بعلاج المرض فقط، وإنما يقوم بإعادة تشكيل سلوك الأشخاص وتهيئتهم من أجل تقبل المشاكل المختلفة، وصقل شخصيتهم وتعديل سلوكهم تجاه هذه المشاكل.
كيف نساعد شخصًا نحبه حين يرفــــــــض العلاج النفسي؟
من أصعب المواقف التي قد نمر بها أن نرى من نحبهم يعانون، لذا نحاول بذل أقصى ما في وسعنا لمساعدتهم. إذا كانوا يعانون من مرضٍ عضوي؛ يسهُل إقناعهم بالذهاب لتلقي العلاج لدى الطبيب المختص، لكن عندما يتعلق الأمر بمعاناتهم النفسية فالوضع يختلف؛ إذ يرفض كثيرون المساعدة النفسية أو الذهاب لتلقي العلاج النفسي وتتعدد أسباب رفضهم، لكننا -رغم ذلك- لا نريد أن نقف مكتوفي الأيدي. إذن كيف نعرف أن أحد المقربين منّا يعاني نفسيًّا؟ وكيف نقنعه بضرورة تلقي المساعدة النفسية اللازمة؟ وكيف نتصرف إذا رفض مساعدتنا؟
إن بعض أسباب تأجيل خطوة العلاج النفسي؛ مثل: «التكلفة المرتفعة للعلاج، والوصمة الاجتماعية، وعدم إدراك أن لدينا مشكلة نفسية، والاعتقاد بقدرتنا على التعامل مع مشكلاتنا النفسية بمفردنا». لكن عندما يتعلق الأمر بأحبائنا يجب أن نعرف المزيد؛ حيث إن محاولة فهم دوافع رفضهم للمساعدة النفسية، ستساعدنا في تحديد بعض الوسائل التي تشجعهم على طلب المساعدة. كما يجب علينا ألا نحاول الحصول على إجابةٍ مباشرة منهم؛ لأن طرح سؤال «لماذا ترفض العلاج؟»، قد يخلق المزيد من المقاومة.
ما العلامات التي تدل على الحاجة إلى العلاج النفسي؟
قد تظهر المشكلات النفسية في أي مرحلةٍ عمرية -خاصةً في المراحل المبكرة مثل الطفولة والمراهقة– حيث يبدأ ظهور 50% من الحالات النفسية عند بلوغ سن 14 عامًا، و75% منها تبدأ في عمر 24 عامًا. كما تختلف من حيث تأثيرها ودرجة شدتها.
لا تظهر معظم المشكلات النفسية بشكلٍ مفاجئ أو عشوائي؛ لذلك عادةً ما يكون الشخص المقرب أو أحد أفراد الأسرة هو الأقدر على ملاحظة علامات التحذير التي تشير إلى وجود هذه المشكلات. ومن المفيد اكتشاف هذه العلامات مبكرًا؛ لأنه كلما طالت فترة المعاناة النفسية دون تشخيص، زادت احتمالية أن تصبح الحالة أكثر خطورة.
ولكل مشكلةٍ نفسية أعراضها الخاصة، لذا سيكون علينا الانتباه إذا لاحظنا على أحد أحبائنا أعراضًا مثل: الإفراط في مشاعر القلق أو الخوف أو الحزن أو الإحباط، أو مشكلات في التركيز والتعلم، أو التقلبات المزاجية الشديدة. كذلك ينبغي علينا التدخل لمساعدتهم إذا وجدناهم يتجنبون الانخراط مع الأصدقاء وفي المناسبات الاجتماعية، أو طرأت عليهم تغيرات في عادات النوم أو الأكل. كما يمكن أن تظهر الأعراض في صورة مشكلات صحية؛ مثل: ألم بالمعدة أو الظهر أو صداع أو أي مشكلات أخرى لا نجد لها سببًا.
لا يمكن لواحدٍ أو اثنين فقط من هذه الأعراض أن يكون دليلًا كافيًا على مرض نفسي، ولكن قد يشير إلى الحاجة إلى مزيدٍ من التقييم. إذا كان الشخص يعاني من عدة أعراض في وقتٍ واحد، وتؤثر الأعراض بشكلٍ كبيرٍ في الدراسة أو العمل أو العلاقة بالآخرين، فيجب أن يراه طبيب أو معالج نفسي. لكن تكمن المشكلة إذا رفض الشخص فكرة العلاج أو الاستشارة النفسية.
لماذا قد يرفض أحدهم المساعدة أو العلاج النفسي؟
بعض أسباب تأجيل خطوة العلاج النفسي؛ مثل: «التكلفة المرتفعة للعلاج، والوصمة الاجتماعية، وعدم إدراك أن لدينا مشكلة نفسية، والاعتقاد بقدرتنا على التعامل مع مشكلاتنا النفسية بمفردنا». لكن عندما يتعلق الأمر بأحبائنا يجب أن نعرف المزيد؛ حيث إن محاولة فهم دوافع رفضهم للمساعدة النفسية، ستساعدنا في تحديد بعض الوسائل التي تشجعهم على طلب المساعدة. كما يجب علينا ألا نحاول الحصول على إجابةٍ مباشرة منهم؛ لأن طرح سؤال «لماذا ترفض العلاج؟»، قد يخلق المزيد من المقاومة، علمًا بأن بعض الأسباب الشائعة الأخرى التي قد تمنع الأشخاص من طلب العلاج النفسي هو اليأس وتجنب المشاعر المفرطة والشفقة وتدني احترام الذات.
إنّ رفض من نهتم لأمرهم للعلاج النفسي يمثل إحباطًا كبيرًا لنا. ومع ذلك، علينا أن ندرك عدم إمكانية إجبارهم على ذلك، باستثناء الحالات التي تشكل خطرًا على أنفسهم وعلى الآخرين أو تظهر عليهم فيها علامات الذهان والهلاوس. إن إجبارهم على العلاج قد يؤثر في علاقتنا بهم وعلى مدى استجابتهم للعلاج، وربما تتدهور حالتهم النفسية. في تلك الحالة، كيف نقدم لهم المساعدة اللازمة ونشجعهم على الوصول إلى خدمات ومُقدمي الرعاية الصحية وطرق الدعم المناسب؟
علينا معاملتهم كأشخاصٍ بالغين، واحترام حريتهم في اختيار طريق العلاج من عدمه، فتوضيح وذكر ما نلاحظه عليهم من تَغيُّراتٍ وعدم لومهم على ذلك، ونتأكد من أن نبرتنا ليست انتقادية أو هجومية. سيخلق ذلك حوارًا وديًّا يسمح بالتطرق إلى الصعوبات والأعراض التي يعانون منها، وأيضا طمأنتهم وتعزيز اهتمامنا وحبنا لهم بالتأكيد على أننا موجودون من أجلهم، وتوفير الوقت والاستعداد للاستماع إليهم متى شعروا بالرغبة في التحدث، والاستماع الفعّال إلى مخاوفهم وأسباب رفضهم. نطرح عليهم الأسئلة ثم نستمع دون إبداء أحكام، ونساعدهم على المضي قدمًا في عمليات التفكير الخاصة بهم حتى يتمكنوا من التوصل إلى استنتاجاتهم الخاصة حول صحتهم. الاستماع أداة قوية تُظهِر لهم مدى اهتمامنا.
بمجرد أن نفهم أسباب رفضهم، نحاول مناقشتهم في المنطق وراء تفكيرهم. ويجب أن نتسلح بالمعلومات الموثوقة والسليمة عن العلاج النفسي والاستشارة النفسية، لشرح كيف يمكن للعلاج أن يساعدهم ويجعلهم أكثر قدرة على تحقيق أهدافهم في الحياة. ثم نعرض المساعدة الفعلية عبر توفير أرقام هواتف لمختصي الصحة النفسية، أو الذهاب معهم إلى موعد الاستشارة، وفي حالة بدء العلاج، يجب أن نكون جزءًا من نظام الدعم وخطة العلاج المستمرة؛ بطمأنتهم والحضور بشكلٍ أكثر فاعلية. ولا ننسى مع كل ذلك أن نساعد أنفسنا للحفاظ على صحتنا النفسية والحضور لدعم أحبائنا.
واعلم أن طريق العافية النفسية قد يكون طويل ومليء بالعقبات. إنه أشبه ببناءٍ كبيرٍ نريد إعادة بنائه ونحتاج إلى أن نقوم بذلك بسواعدنا وسواعد من يهتمون لأمرنا. لذا علينا أن نعي أن رفض أحد المقربين منا لمساعدتنا ليس رفضًا لنا؛ إنهم يعلمون أننا نريد راحتهم، لكن قد تكون الخطوة الأولى لتحقيق ما نريد منهم ثقيلةً عليهم. وفي هذه الحالة، ليس علينا سوى الصبر والمثابرة ومواصلة دعمهم لمساعدتهم على اتخاذ هذه الخطوة.
مجمع الخبر مول - مكتب333
الخبر34432 - طريق الملك فهد - الحزام الذهبي
تواصل معنا
لتصلك أخبارنا